responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 94
أَوْ لِجَلْبِ الرِّئَاسَةِ، أَيْ زَيَّنَ لَهُ مُزَيِّنٌ سُوءَ عَمَلِهِ، وَفِي هَذَا الْبِنَاءِ إِلَى الْمَجْهُولِ تَنْبِيهٌ لَهُمْ أَيْضًا لِيَرْجِعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَتَأَمَّلُوا فِيمَنْ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ. وَلَمَّا كَانَ تَزْيِينُ أَعْمَالِهِمْ لَهُمْ يَبْعَثُهُمْ عَلَى الدَّأْبِ عَلَيْهَا كَانَ يَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ إِلْفُهُمْ بِهَا وَوَلَعُهُمْ بِهَا فَتَصِيرُ لَهُمْ أَهْوَاءً لَا يَسْتَطِيعُونَ مُفَارَقَتَهَا أَعْقَبَ بِقَوْلِهِ: وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ بَيِّنٌ لِلْعَاقِلِ الْمُتَأَمِّلِ بِحَيْثُ يَحِقُّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْفَرِيقَيْنِ سُؤَالَ مَنْ يَعْلَمُ انْتِفَاءَ الْمُمَاثَلَةِ وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ عَسَى أَنْ يَزْعُمَهَا. وَالْمُرَادُ بِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ الْكِنَايَةُ عَنِ التَّفَاضُلِ، وَالْمَقْصُودُ بِالْفَضْلِ ظَاهَرٌ وَهُوَ الْفَرِيقُ الَّذِي وَقَعَ الثَّنَاء عَلَيْهِ.
[15]

[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 15]
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (15)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِأَنَّ مَا جَرَى مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [مُحَمَّد: 12] مِمَّا يَسْتَشْرِفُ السَّامِعُ إِلَى تَفْصِيلِ بَعْضِ صِفَاتِهَا، وَإِذْ قَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ مُوهِمٌ السَّامِعَ أَنَّهَا أَنْهَارُ الْمِيَاهِ لِأَنَّ جَرْيَ الْأَنْهَارِ أَكْمَلُ مَحَاسِنِ الْجَنَّاتِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ تَوْصِيفِ حَالِ
فَرِيقَيِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَمِمَّا أَعَدَّ لِكِلَيْهِمَا، وَمِنْ إِعْلَانِ تَبَايُنِ حَالَيْهِمَا ثُنِيَ الْعِنَانُ إِلَى بَيَانِ مَا فِي الْجنَّة الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، وَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ بَيَانُ أَنْوَاعِ الْأَنْهَارِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مَوْقِعَ الْجُمْلَةِ كَانَ قَوْلُهُ: مَثَلُ الْجَنَّةِ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ. وَالتَّقْدِيرُ: مَا سَيُوصَفُ أَوْ مَا سَيُتْلَى عَلَيْكُمْ، أَوْ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْكُمْ.
وَقَوْلُهُ: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ كَلَامٌ مُسْتَأْنِفٌ مُقَدَّرٌ فِيهِ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ دَلَّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ [مُحَمَّد: 14] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست